"وبشر الصابرين"

كم لقوا من العناء، وكم واجهوا من البلاء، وتعرضوا للاستهزاء فجعوا في حبيب، وأصيبوا في قريب، واتهموا في عرض، وجرحوا في كرامة فكانوا مثالاً في الصبر، وآية في العزم، ونموذجاً في الإصرار، وإن كان الأنبياء مروا بأنواع من البلاء، وأعداد من المصائب، وأشكال من النوازل، فإن البلاء كله، والامتحان أشده، والنكال أعظمه، والعناء أوجعه، والعنت أشقه، تعرض له أكرم إنسان، وأعز مخلوق، وأطهر بشر، وهو محمد صلى الله عليه و علي اله و صحبه وسلم وقد أمره مولاه جل وعلا بالصبر في آيات كثيرة، وبين له أن ذلك دأب المرسلين قبله، فطمأن فؤاده بأخبارهم، وقوى عزيمته بعرض سيرهم، وقال سبحانه تعالي ...فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ

كن مؤمناً بربك، واثقاً بنصره، كيف لا وهو سبحانه تعالى القائل ...وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ...

اذا اصيبت بالمرض او الخوف او الجوع او نقص الاموال او موت عزيز او فراق غالي او خساره نفيس اصبر و احتسب عند ربك

الم تسمع قول ربنا..وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ..انها سنه الله في عباده وقوع البلاء حتي يمحص به قلوب العباد..فمنا من هو ثابت نسال الله ان نكون منهم و منا من انتكس و خسر الدنيا و الاخره يقول سبحانه و تعالي.. وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ..هذا زمن كثرت فيه المصائب، وعمت فيه الحوادث وعظمت فيه الفواجع، فيجب على المسلم إذا ابتلي بشيء من ذلك أن يقابله بالصبر، ويتلقاه بالرضا، ويستقبله بالتسليم ليكون ذلك أعظم في ميزانه، وأرفع في درجته، وأطيب لخاطره، وأسكن لفؤاده، وأطيب لقلبه، فلا تكون المصيبة مصيبتين، مصيبة الحدث ومصيبة الجزع والتسخط، فتضيع الدنيا والآخرة، أما الصبر ففيه حسن العاقبة، وراحة الدنيا والآخرة، فيا كل مظلوم... و كل محروم ..وكل معذب ..اصبر و استعن بالله ..يا من تنظر نور لظلمه حياتك.. يا من ضاقت نفسه في سجن الحياه اصبر و استعن بالله ..حتي انت الذي تنتظر من يسعد قلبك و يبهج عمرك و يشرق شمس حياتك اصبر و استعن بالله ..و انتي يا امه الله يا من مللتي الانتظار فمن يجعل الله فيه الامل و الحلم المختار..اصبري و استعيني بالله..و انت يا من بعد عنك الحبيب و جفاك الاهل و الصديق وتهيم في الدنيا بلا حبيب و لا رفيق اصبر و استعن بالله.. يا من طالتك يد الظالمين يا من ازاك حقد الحاقدين اصبر و استعن بالله ..يا من تعرض للفتن و الشهوات و هو علي الحق ثبت منتظر فضل رب الارض و السموات اصبر و استعن بالله ....الم تسمعوا قول ربي و ربكم...وبَشَّر الصابرين،الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ....فعلى من ابتلي أن يصبر ويحتسب وليعلم أنه سيأتي يوم يتمنى فيه أناس أن أجسادهم قرضت بالمقاريض لما يرون من ثواب أهل البلاء.واعلم أن الصابر يوفى أجره بغير حساب، واعلم أن البلاء ما يزال بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله ...يقول سبحانه و تعالي ..وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ...

اثبت أخي ..
اصبر ..
تذكر أن الجنة غالية ..
وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
صبروا على بلائهم .. واحتملوه ..
لم تحركهم مصائبهم عن أماكنهم .. ولم توهن عزائمهم ..
فاستعن بالله.. ملاذ الخائفين .. ومأوى الضائعين ..
استعن بالله.. فإنه قريب .. مجيب المحتاجين ..
استعن بالله.. ما أجملها كلمة .. وما أخلصها نصيحة ..
استعن بالله.. ما أحلاها مناجاة .. وقت ليل في صلاة ..
استعن بالله..
نعم ..
ومن يعينك سواه ..